القهوة المنزليه

 تعتبر المقاهي حلوة ومرّة في ذات الوقت، فهي تكشف من ناحية عن إمكانات النكهة الكامنة في حبوب البنّ، ومن ناحية أخرى فهي توضّح لنا وبشكل مؤلم أنّ القهوة التي نعدّها في المنزل لا تزال بعيدة كلّ البعد عمّا نريدها أن تكون عليه. لنغيّر هذا الأمر!

يحبّ بعض عشّاق القهوة ذلك الشعور الذي ينتابهم عندما يتظاهرون بأن هناك حاجزاً كبيراً يقف بينهم وبين تحضير قهوة مذهلة في المنزل. ويُشعِرهم أمر إخبار الآخرين بالتخلي عن السعي لتحضير قهوة منزلية لذيذة بالقوة والذكاء.

لا تصدّقهم، فتحضير قهوة تضاهي في جودتها قهوة المقاهي أمر في متناول يد كلّ شخص لديه الإستعداد لبعض القراءة في هذا المجال ويملك بعض الصبر ويتقبل الفشل من حين لأخر.

قد تضطر في بادئ الأمر لإتباع بعض الخطوات التي ستبدو لك سخيفة، وربما ستحتاج لأن تمنح طقوس قهوتك الصباحية المزيد من الإهتمام. لكن في النهاية، فإن كوب القهوة الذي ستعدّه سيرضي حاسة التذوّق لديك كما لم تتخيّل قبلاً.


يبدأ الأمر برمّته بحبة البنّ :

إذا اتبعت جميع الخطوات المدرجة في هذا الدليل بحذافيرها مستخدماً حبوب بنّ غير مزروعة أو معالجة كما يجب، فلن تحقق النتيجة التي تطمح إليها. فلكي تحصل على قهوة لذيذة، عليك البدء بحبوب بنّ جيدة، والعثور على حبوب قهوة ذات جودة عالية ليس أمراً صعباً إن عرفت ما تبحث عنه بالضبط.

إبحث عن جملة (تمّ التحميص بتاريخ…). فمحمّصو القهوة الذين يقدّرون قيمة القهوة الطازجة لن يخافوا من إخبارك عن تاريخ تحميص قهوتهم، ولن يحاولوا خداعك بعبارات من مثل: (يُفضّل استخدامه قبل…).

بعدها ابحث عن المحمّصين الذي ينشرون معلومات عن مصدر حبوب البنّ التي يستخدمونها. إذا كان الغموض يلفّ مصدر حبوب البنّ، فلابدّ أنهم يخفون شيئاً ما. أما إذا كانوا يشعرون بالفخر لإخبارك باسم الإقليم أو المزرعة أو الفلاّح الذي يزوّدهم بحبوب القهوة، فهم على الأرجح متحمّسون لما يقدمونه ويودّون أن يشاركونك حماسهم هذا.

إن الزيوت العطرية الموجودة في حبوب القهوة والمسؤولة عن مذاق معقد ولذيذ للقهوة ستتبخّر ببطء عند تحميصها, لكن هذه العملية تتسارع بشكل كبير بمجرّد طحن القهوة.احصل إذن على حبوب القهوة كاملة ولا تطحنها إلاّ عندما تكون مستعداً للبدء بتحضير القهوة، وذلك لتحافظ على مذاق القهوة المذهل الكامن في حبوب البنّ لأطول فترة ممكنة.


عتادك الأهمّ هو مطحنة القهوة :

لا بديل عن مطحنة قهوة جيدة، إذا لم تستطع الإعتماد على مطحنتك للحصول على مسحوق قهوة موحد بإستمرار فلن تتمكّن من إجراء التعديلات البسيطة اللازمة لجعل مذاق كلّ نوع من أنواع القهوة أفضل ما يكون.

على الرغم من وجود بعض الحيل التي تجعل مطحنة القهوة ذات الشفرة تعمل بشكل أفضل، إلاّ أنها لن توصلك إلى مستوى القهوة التي تُطحن وتقدّم في المقاهي. إن ما تقوم به مطحنة القهوة ذات الشفرة ليس سوى عملية تقطيع لحبوب القهوة، الأمر الذي يجعلك تحصل على مسحوق قهوة غير متجانس تماماً. لن يتمّ استخلاص القهوة بالتساوي من هذا المسحوق وستحصل على كوب غير متوازن من القهوة.

لطواحين القهوة اليدوية القدرة على الطحن بدقة عالية وبأحجام طحن مختلفة.

هذه الطواحين ستحتاج لبعض المجهود من عضلات الكتف، لكن إن كنت تسعى لتوفير بعض المال، فهي سبيلك الوحيد. أحتاج في العادة إلى 45 ثانية لطحن من حبوب البنّ ما يكفي لتحضير كوب واحد من القهوة.

إن كنت تملك مالاً إضافياً، يمكنك الحصول على إحدى طواحين القهوة الكهربائية.


اختيار جهاز التقطير المفضّل لديك :

في هذه المرحلة، تلعب ميولك اتجاه القهوة دوراً مهماً. هل تفضّل قهوة معقدة ذات نكهة كثيفة؟ أم هل تأخذك بعض نكهات القهوة الفاكهية إلى نعيم القهوة؟ لا يوجد جواب خاطئ هنا.

تسمحُ أساليب تحضير القهوة المختصة، ببقاء القهوة والماء معاً لبعض الوقت قبل أن يتمّ تقطيرها. والشراب النهائي في هذه الحالة يكون متوازناً ومتكاملاً وعلى درجة مناسبة من الكثافة.

من أشهر أجهزة تحضير القهوة بالغمر نجد الفرنش بريس French Press وآيروبريس Aaeropress و أداة التقطير كليفر Clever.

أما أساليب تحضير القهوة عن طريق الصبّ، فهي تسمح بتدفّق الماء متخللاً مسحوق القهوة ومن ثمّ خروجه إلى الإبريق ويكون المشروب النهائي في هذه الحالة ذا حموضة وهشاشة أعلى، ويتمتّع بكثافة أقلّ ونكهة أكثر حلاوة، لكنه يترك خلفه مذاقاً أعمق.

ومن أشهر أجهزة تحضير القهوة بالصبّ، نجد Auto Drip وHario V60 و Chemex.


تقنيات تحضير القهوة الأساسية :

إذن لديك حبوب قهوة من مصدر معروف ومحمّصة بشكل جيد. ولديك مطحنة قهوة موثوقة، وتملك جهازاً لتحضير القهوة…لقد حان وقت السحر!

بالنسبة لمحضّري القهوة المبتدئين، قد تبدو تقنيات تحضير القهوة هذه كجبل عظيم يستحيل تسلّقه، على الرغم من أنّ الأمر لا يحتاج سوى لبعض التركيز من أجل فهم مبدئي لهذه التقنيات، ومن ثمّ استخدامها لتحضير قهوة لذيذة، والتي ستصبح أمراً عادياً مع بعض التمرين.


الماء ودرجة الحرارة :

تكون القهوة في العادة أكثر توازاناً حينما تتراوح درجة حرارة الماء المستخدم في تحضيرها ما بين 195-205 درجة فهرنهايت. أو حينما يكون الماء على وشك الغليان؛ أيّ درجة أقلّ ممّا سبق ستهدّد بعدم استخلاص القهوة تماماً وبالتالي ستحصل على قهوة مرّة وحمضية.

تحتاج أيضاً لتحضير القهوة من مياه غير مشبعة بالمعادن. فالكالسيوم قد يسبب مشكلة في العادة وهو مسؤول عن كتم العديد من النكهات في القهوة. في حال كنت تشعر بالكسل ولم ترغب في تفقد نسب المعادن في الماء الذي تستخدمه عن طريق معايير جمعية القهوة المتخصصة الأمريكية SCAA، فعليك إذن بشراء بعض المياه النقية ومن ثمّ خلطها مع القليل من مياه الحنفية، وستحصل على مياه ملائمة لتحضير قهوتك.


نسبة القهوة إلى الماء :

تعتبر النسب في عملية تحضير القهوة من الأمور التي لا يتمّ فهمها كما يجب، لكنها من أكثر الأدوات الفاعلة التي يمكن لمحضّر القهوة أن يستفيد منها في العادة، فإن نسبة 1غ من القهوة إلى 15-18 غ من الماء تعتبر مناسبة للغاية. هذه المنظومة من النسب تعزّز استخراجاً متوازناً للقهوة وتركيزاً لكوب القهوة ذا مذاق معتدل، فلا هو قوي للغاية ولا هو ضعيف باهت لا تتجاوز نسب القهوة، فهي بسيطة ولكنها تغيريها مصيري!

أفضل طريقة لقياس نسب القهوة والماء، هي استخدام ميزان المطبخ الرقمي موازين الحجم ليست دقيقة جداً، لأن أنواع القهوة تختلف في الوزن، لذا فالكتلة هي طريقك الأفضل بلا شك. 


تعديل حجم الطحن :

يعتبر ضبط حجم مسحوق القهوة أمراً آخر من الأمور التي لا يتمّ إيلاؤها الإهتمام الكافي، لكنه أمر غير قابل للنقاش. المطاحن ذات الجودة تمكنك من إجراء التعديلات المناسبة بسهولة وتمنحك سيطرة كاملة على تحضير القهوة.

قهوة ناعمة = مساحة سطح أكبر لحبات البنّ = استخلاص أسرع.

قهوة خشنة = مساحة سطح أقلّ لحبات البنّ = استخلاص أبطأ.

الأمر عبارة عن عملية توازن، فالطحن الناعم يحتاج إلى تحضير أسرع (30 ثانية لإعداد الاسبريسو) في حين أنّ الطحن الخشن يحتاج إلى وقت إعداد أطول (4 دقائق باستخدام محضرة القهوة French press). إجراء تعديلات بسيطة هنا وهناك في طحن القهوة تمكّن محضّري القهوة المنزلية أو الخبراء من التعامل مع القهوة لإستخلاص أفضل نكهة منها.


حاسة التذوّق لديك :

ويبقى التذوّق هو الحكم النهائي، لذا دع إستمتاعك بمذاق القهوة يحدّد جودتها. إليك هذه النصائح التي تساعدك على استخدام حاسة التذوّق لإرشادك لقهوة أفضل.

القهوة سمكية القوام تتميز بمذاق مرّ، وباهت وتفتقر إلى أي نكهة من نكهات الحلاوة. قهوة كهذه تعني أنك قد استخدمت الكثير من مسحوق القهوة ، وتحتاج لتخفيف الكمية قليلاً.يمكنك جعل الطحن خشناً لتقليل مساحة السطح وإبطاء سرعة التقطير، وإن كنت تستخدم آلة Clever لتحضير القهوة أو أيّ آلة تحضير أخرى بالغمر فيمكنك ببساطة أن تقلل وقت التحضير الكلّي.

القهوة الخفيفة تتميّز بمذاق رديء وحمضي وأحياناً مالح. ويعني الحصول على مثل هذه القهوة أنّ حبيبات البنّ كانت بحاجة للتقطير لمزيد من الوقت من أجل الحصول على قهوة متوازنة، إنك على وشك الحصول على قهوة مثالية! يمكنك أن تجعل مسحوق القهوة أقلّ خشونة أو أن تزيد مدّة التحضير لبعض الوقت من أجل تحسين النكهة.

أجرِ بعض التجارب على هذه المتغيرات من خلال تحضير القهوة عدة مرات وذلك لتتمكن من فهم تأثير تغيير كلّ من هذه المتغيرات على مذاق القهوة.حاول أن تغيّر متغيراً واحداً في كلّ مرة وذلك لتتمكّن من فهم تأثير كلّ متغيّر على حدة.

أوشكت على الوصول …

مع مطحنة قهوة ملائمة وآلة تحضير قهوة تساعد كمحضّر قهوة والقدرة على إجراء تعديلات بسيطة مع الوقت على كلّ من نوع الطحن ونسب القهوة والماء، فإنك لست بحاجة سوى لبعض الصبر والتدريب حتى تصبح خبيراً في تحضير القهوة المنزلية.

وكما هو الحال مع كلّ شيء، فإن السيطرة على المتغيرات من أجل الحصول على قهوة ذات مذاق متكامل ومتوازن ونكهة لا تقاوم يحتاج لبعض الممارسة، فكلّ مطحنة قهوة تعمل بطريقة مختلفة عن غيرها، وكلّ آلة تحضير قهوة، تحضّر القهوة بشكل مختلف عن غيرها أيضاً.

الأمر يعود إليك فيما يتعلّق بإيجاد حجم الطحن الملائم والذي يتناسب جيداً مع آلة تحضير القهوة لديك، والقرار يعود إليك في تحديد ما إذا كنت ترغب في تقطير قهوتك أكثر أو أقلّ. كما يمكنك إجراء بعض التجارب من حين لآخر.

إذن، ماهي نصيحتكم الأفضل فيما يتعلّق بإعداد القهوة المنزلية ذات الجودة؟ إذا كان لديكم أيّة أسئلة فلا تتردّدوا في طرحها عن طريق التعليقات …

ليست هناك تعليقات